المبادرة

وتحتل المنطقة العربية ــ التي تُعرف بأنها الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والتي تضم 22 دولة ــ موقعاً استراتيجياً عند تقاطع أوروبا، وإفريقيا، وآسيا.

ويتركز سكانها الذين يتزايد عددهم بسرعة 453 مليون نسمة، وهو ما يشبه عدد سكان الاتحاد الأوروبي، على 4 في المائة فقط من أراضيها، على طول الساحل والأنهار القليلة. ويؤدي هذا التوزيع إلى تعزيز قابلية التأثر بتغير المناخ المرتبط بارتفاع منسوب سطح البحر وتملح منسوب المياه العذبة، ويزيد من المنافسة على الأراضي النادرة الصالحة للسكن والصالحة للزراعة، والتوترات بين استخدامات الأراضي في المناطق الحضرية والريفية. تعتبر الإدارة الجيدة لاستخدام الأراضي والتخفيف من حدة الصراعات ذات الصلة أولوية في المنطقة.

يعيش 60% من السكان في المناطق الحضرية، وربعهم في مستوطنات غير رسمية. وتطرح معدلات التحضر المرتفعة ــ والتي من المتوقع أن تصل إلى 70% بحلول عام 2050 ــ فرصاً وتحديات على حد سواء. وفي حين أن المدن العربية هي مراكز نابضة بالحياة للنشاط الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، فإن التحضر غير المنظم يخلق بيئات معيشية غير فعالة وغير صحية تؤدي إلى تفاقم الضعف والاستبعاد وعدم المساواة في الوصول إلى الأراضي والسكن والأماكن العامة والخدمات والبنية التحتية.

على مدى العقود الثلاثة الماضية، تصاعدت تكلفة الأراضي إلى مستويات لا يمكن تحملها، مما تسبب في نقص مزمن في السكن المناسب بأسعار معقولة، وانتشار المستوطنات غير الرسمية وأسواق الأراضي المجزأة. وقد ساهم ذلك في ارتفاع نسبة سكان الحضر الذين يعيشون في مستوطنات غير رسمية أو في مساكن غير ملائمة. يعد تحسين إدارة الأراضي في المناطق الحضرية وشبه الحضرية أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التوسع الحضري المستدام والشامل ولتمكين المدن العربية من لعب دورها كمحركات للنمو الاجتماعي والاقتصادي.

ومع وجود استثناءات قليلة ملحوظة، لا سيما في البلدان الصغيرة والمرتفعة الدخل، فإن إدارة الأراضي في المنطقة أصبحت قديمة ومختلة ومجزأة مؤسسيا وتعتمد على الورق وغير شفافة. وهناك حاجة إلى إصلاحات في إدارة الأراضي تكون مناسبة للغرض، مدعومة بالتكنولوجيات الجديدة، وتوفر الفوائد لجميع السكان - بما في ذلك الفئات الأكثر ضعفا والفقراء والنساء.

على مدى العقود الماضية، تزايدت أوجه عدم المساواة بشكل حاد في المنطقة العربية. وأدى ذلك إلى زيادة تركيز الأراضي الزراعية والحضرية القيمة في أيدي عدد قليل من النخب القوية والثرية والمرتبطة سياسياً والشركات عبر الوطنية. وقد تآكلت حقوق الأراضي الجماعية وتم تفضيل استخدامات الأراضي المضاربة على استخدامات الأراضي الإنتاجية.

وتستضيف المنطقة أكثر من 40 مليون مهاجر وأكثر من 21 مليون نازح بسبب الصراعات وتغير المناخ. وكثيراً ما كانت للنزاعات العنيفة التي شهدها العقد الماضي أسباب متأصلة في الأرض وأدت إلى نزوح جماعي وانتهاكات لحقوق السكن والأرض والملكية.

المنطقة العربية هي المنطقة الأكثر تأثراً بتغير المناخ. ويتفاقم ارتفاع درجات الحرارة والتصحر وتدهور الأراضي والجفاف وندرة المياه. ويؤدي هذا إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، الذي يتفاقم بالفعل بسبب صغر المناطق المخصصة لإنتاج الغذاء، وزيادة الضغط السكاني، والانخفاض العام في الاستثمار في الاستخدامات الإنتاجية للأراضي الريفية. يساهم الفقر الريفي وتغير المناخ في الهجرة إلى المراكز الحضرية. تعمل المدن والبلدات بشكل متزايد كصمامات أمان لاستيعاب المهاجرين والنازحين بسبب الصراع وتغير المناخ. وسيتعين تعزيز آليات توفير السكن الملائم والأراضي اللازمة للأنشطة الاقتصادية والثقافية والترفيهية.

إن النساء - وخاصة المتضررات من النزاع والنزوح والهجرة - متخلفات من حيث الحصول على الأراضي وحقوق الملكية، والحصول على الائتمان لشراء واستخدام الأراضي للأنشطة الاقتصادية، والمشاركة الشاملة في الوظائف والخدمات في قطاع الأراضي .

سيكون تحسين إدارة الأراضي وجعل الوصول إلى الأراضي أكثر شمولاً وشفافية أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة والسلام والاستقرار وإعمال حقوق الإنسان، سواء في المناطق الحضرية الآخذة في التوسع أو في المناطق الزراعية والمراعي الهشة بشكل متزايد، على النحو المحدد في أهداف التنمية المستدامة 1 و 2 و 5 و 11 و 15 و 16 من الأهداف وفي الخطة الحضرية الجديدة.